قبل سبع سنوات، أرادات أمل الشلبي شراء جبنة عالية الجودة وشهية لعائلاتها، ولكنها لم تتمكن من إيجاد أي منتج يلبي احتياجاتها ومعاييرها في الزرقاء. فعائلة أمل تمتلك مزرعة في منطقة السخنة، ولذلك فقد اعتادت على تناول أفضل أنواع الجبنة الطبيعية منذ أن كانت طفلة.
ولكن بعد أن تزوجت واصبح لديها أولاد، ازدادت مسؤولياتها وقل وقت فراغها، ولذلك، اضطرت للتخلي عن الجبنة المصنوعة في المنزل، واستبدلتها بجبنة جاهزة من السوق.
"لم يؤخذني الكثير من الوقت لأدرك أنني لا استطيع اطعام الجبنة التجارية لعائلتي، وهذا ليس فقط بسبب احتوائها على مواد إضافية وحافظة، بل هي ليست لذيذة. ففيوم من الأيام، عدت إلى المنزل ومعي كمية من الجبنة الغير مطبوخة، فقمت بتحضيرها ونقعتها طوال الليل لكي تجهز، وعندما استقيظت في اليوم التالي، لم تكن الجبنة موجودة. أولادي أحبوها للغاية، وكان ذلك السبب كافي بأن يشعني على صنع الجبنة من المنزل بشكل مستمر" قال أمل.
الأمر الذي يميز جبنة أمل هو أنها تستخدم حليب طازج من مزرعة أهلها وأنها تصنع كل شيء بيديها وبشكل طبيعي، من غير أي مواد حافظة أو إضافات.
تعد منطقة السخنة صغيرة وسكاتها قريبون من بعضهم البعض، ولذلك فإن الأخبار تنتقل بسرعة. من كان يتذوق جبنتها كان دائماً يرغب بالمزيد، فبالبداية كانت الطلبات تأتيها من عائلتها والأصدقاء، ثم أصبحت تنهال عليها من جميع أنحاء المنطقة.
بعد أن أصبح لدى أمل قاعدة زبائن جيدة وكانت تصلها طلبات بشكل مستمر، قررت أن تأخذ دورات تدريبية لتطوير مهاراتها ومعلوماتها الفنية. "صنع الجبنة بالنسبة لي سهل كصنع الشاي، ولكنني كنت بحاجة لتعلم بعض الأمور العلمية لكي أتمكن من صنع أفضل أنواع الجبنة بالسوق".
بدأت بدورات تخص مصنعي المواد الغذائية بشكل خاص لكي تتعلم كل ما تحتاج معرفته عن هذه المهنة. وكانت إحدى الدورات التدريبية التي انضمت إليها أمل هي دورة تحديث و تطوير المنتجات الغذائية المصنعة في المنزل التي نظمت بدعم من مشروع مساندة الأعمال المحلية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. غطى هذا التدريب جوانب عديدة تهم صاحبات الأعمال المنزلية اللواتي يعملن في قطاع التصنيع الغذائي، بما في ذلك السلامة الغذائية والتسعير والتغليف والمحاسبة والتسويق.
"على الرغم من أن صناعة الأجبان أمر اعتدت عليه طوال حياتي، التدريب اطلعني على أمور لم أكن سأتعلمها عبر الخبرة، وأهمها كان موضوع السلامة الغذائية. فالحرارة والتخزين وغيرها هي عوامل مهمة للغاية لصنع منتج عالي الجودة. بالطبع، كنت على دراية بذلك ولكن لم تسنح لي الفرصة من قبل أن اكتسب المعرفة من خبراء ومختصين في هذا المجال" قالت أمل.
أبدت أمل مهارات استثنائية وحماس والتزام تجاه احتراف مهنتها وتعلم الأمور الأساسية لنجاحها، ولذلك السبب، تم اختيارها لتكون مدربة في المرحلة الثانية من نفس البرنامج التدريبي التي انضمت اليه في البداية كمتدربة، مما سيمكنها من نقل معرفتها وخبرتها الى سيدات اخريات في المنطقة، ويعطيها فرصة الحصول على مصدر دخل إضافي من التدريب.
أمل مع السفيرة الأمريكية في الأردن خلال زيارة لها للأعمال المنزلية المملوكة من قبل سيدات في الزرقاء
التراث العريق المرتبط بصناعة الأجبان وفن اتقان الحرفة، بالإضافة لنمو قطاع الصناعة الغذائية بطريقة حرفية في الأردن، هي أحد أهم الأسباب التي تجذب العديد من السيدات لممارسة هذه المهنة بشكل مستمر. كذلك، شهدت المدن الرئيسية في الأردن الآونة الأخيرة ازدياد كبير على طلب الأطعمة الطازجة والمصنوعة منزلياً والتي لا يمكن إيجادها في المتاجر والبقالات.
يشمل تدريب تحديث و تطوير المنتجات الغذائية المصنعة في المنزل الذي يقدمه مشروع مساندة الأعمال المحلية تشبيك المتدربات مع أسواق محلية وبائعين مثل المتاجر والمطاعم، ويعطيهم فرصة المشاركة في معارض وفعاليات مختلفة لبيع منتجاتهن. استطاعت أمل أن تبني علاقات عمل جديدة وتوسيع قاعدة زبائنها خلال هذه المعارض، فقد تمكنت من العمل مع صاحب أحد المطاعم الكبيرة في عمان وأصبح لديها زبائن جدد قاموا بطلب جبنتها بشكل مستمر منذ انتهاء هذه المعارض.
أحد الأمور الأخرى التي تمكنت أمل من إنجازها بفضل عملها الجاد ومنتجها عالي الجودة هو التعامل مع أيادي البلد، وهو منصة الكترونية تقدم حلول لوجستية وتسويقية لأكثر من 300 عمل منزلي في محافظات مختلفة بالأردن. العمل مع أيادي البلد ساعد أمل على تطوير عملها وزيادة دخلها عبر بيع جبنتها لزبائن مختلفين عن زبائنها المعتادين من غير القلق حول التوصيل والتكاليف المتعلقة به.
كأي ريادية طموحة، تحلم أمل لتوسعة منتجاتها والوصول إلى أسواق أكبر، وهي تطمح بأن تسافر خارج الأردن لتعلم كيفية صنع أنواع جديدة من الجبنة غير متوفرة هنا.
"مستحيل أبيع منتج ما بقبل أطعميه لأولادي، وهذا هو السبب وراء حب الجميع لجبنتي، فأكثر شيء يهمني هو جودة المنتج وتقديمه دائماً على نفس المستوى".